التأليف متعثر وميقاتي رفض مطالب بعبدا.. حكومة تصريف أعمال لنهاية العهد!
متى لـ"أحوال": نرفض الشغور وعلى عون تسليم الرئاسة فور انتهاء ولايته
تضيق المهلة الدستورية لتأليف الحكومة الجديدة في غياب أي مؤشر جدي يشي بولادة قريبة لآخر حكومات العهد الحالي الذي شارف على النهاية.
في الظاهر يحاول الرئيس المكلف نجيب ميقاتي قطف حكومة مستغلاً الدعم والدفع الخارجي له، وحاجة رئيس الجمهورية ميشال عون ورئيس التيار الوطني الحر جبران باسيل لتأليف حكومة تحفظ ماء وجه العهد بإنجاز بعض الملفات والقوانين الصلاحية يختم بها ولايته الرئاسية، لكن في الكواليس تراجع الحديث عن التأليف الحكومي لصالح تقدم ملف رئاسة الجمهورية، مع بدء عملية ضخ المرشحين في سوق التداول الرئاسي كرئيس حزب “القوات اللبنانية” سمير جعجع والنائب باسيل ورئيس تيار المردة سليمان فرنجية وقائد الجيش العماد جوزاف عون والوزير السابق زياد بارود وغيرهم.
إلا أن الإشكالية التي تطرحها مرجعيات سياسية معنية بالاستحقاقات، هي تزاحم استحقاقي تأليف الحكومة وانتخابات رئاسة الجمهورية واختلاف وجهات النظر حول أي منهما هو الأولوية، وهل يمكن تأجيل تأليف الحكومة الى ما بعد انتخاب رئيس للجمهورية؟ وماذا لو تعثّر انتخاب رئيس جديد قبل نهاية الولاية الحالية؟ واستطراداً هل يمكن الإنتقال الى مرحلة الفراغ الرئاسي بحكومة تصريف الأعمال الحالية من الناحية الدستورية وفي ظل الأوضاع الاقتصادية والمالية الكارثية الحالية؟.
أوساط مطلعة على المشاورات الحكومية تشير لـ”أحوال” الى أن أبواب التأليف الحكومي مازالت موصدة ولا انفراجات ولا اجواء ايجابية في الأفق، والاحتمال المرجح هو الدخول في أزمة تأليف وفراغ في مجلس الوزراء يمهد لفراغ في سدة رئاسة الجمهورية. وتكشف الأوساط عن توجه سياسي لصرف النظر عن تأليف الحكومة والانطلاق الى رحلة البحث عن رئيس جديد للجمهورية.
وتضيف أن انتهاء الشهر الحالي من دون حكومة يعني استحالة تأليف حكومة ونيلها الثقة خلال شهر واحد لتتحول الى تصريف أعمال بعد أيام قليلة من ولادتها في الأول من أيلول المقبل، وبالتالي الخيار الأقرب للواقع حتى الساعة هو بقاء حكومة تصريف الأعمال.
وعلم “أحوال” أن عون لم يحدد موعداً لميقاتي لزيارة بعبدا، لأن الأخير لم يوافق على التعديلات والمطالب التي طلبها عون في آخر لقاء بينهما.
عضو كتلة “الجمهورية القوية” النائب نزيه متى يرى أن الظروف الاقتصادية والاجتماعية الصعبة التي يعيشها الشعب اللبناني، تتطلب من رئيسي الجمهورية والحكومة المكلف التنازل عن المصالح الشخصية والتعالي عن الحسابات السياسية الخاصة والتخلي عن الشروط والشروط المضادة للإسراع باستيلاد الحكومة الجديدة. ويعتبر أن استمرار الطرفين بطريقة التأليف نفسها وسياسة تمرير الوقت لاستهلاك المهلة الدستورية المتبقية للتأليف، لن نشهد ولادة حكومة قبل نهاية ولاية رئيس الجمهورية الحالي.
وانتقد نائب “القوات” قذف المشاورات الحكومية الى ما بعد عطلة عيد الأضحى، ما سيؤدي الى تآكل واستنزاف الوقت المتاح للتأليف.
وتؤيد “القوات” وفق ما يقول النائب متى لـ”أحوال”، تأليف حكومة جديدة رغم قصر عمرها الدستوري، لكن الهدف منها التخفيف من حدة وشدة الأزمات الحياتية على المواطنين وتسهيل انتخاب رئيس جديد للجمهورية. ويبدي اعتقاده أن الجميع يمارس سياسة الهروب الى الأمام، ويحذر من أن فترة الـ 4 شهور المقبلة ستكون الأصعب على المواطنين الذي يشعرون بإحباط وخيبة أمل بعدما راهنوا وتأملوا خيراً بمرحلة ما بعد الانتخابات النيابية.
وشدد عضو كتلة “القوات” على أننا مع انتخاب رئيس جديد للجمهورية في 31 تشرين الأول، ولا نؤيد أي شكل من اشكال الفراغ الدستوري الحكومي أو الرئاسي.
ويُحذر متى من عجز القوى السياسية عن تأليف حكومة جديدة وترحيلها الى ما بعد انتخاب رئيس للجمهورية، أي الى ما بعد عيد الميلاد المقبل، الأمر الذي سيضعنا في مواجهة استحقاقات عدة داهمة، كالتفاوض مع صندوق الندق الدولي الذي يعقد اجتماعه الدوري مع الحكومة اللبنانية مطلع ايلول المقبل، وسنكون حينها في موقف حرج بسبب عدم إقرار القوانين الاصلاحية المطلوبة من ادارة الصندوق.
لذلك يرى متى أنه من الضروي تأليف حكومة جديدة تضطلع بالملفات الاقتصادية والمالية والنقدية، لا سيما المفاوضات مع صندوق النقد وتسهيل انتخاب رئيس للجمهورية.
وعن المعلومات التي تتحدث عن أن رئيس الجمهورية “لن يسلم الفراغ”، أي أنه سيسلم حكومة جديدة أصيلة وليس حكومة تصريف الأعمال، دعا متى الرئيس عون الى تطبيق الدستور وتسليم رئاسة الجمهورية والحكم الى أي حكومة موجودة أكانت جديدة أم تصريف الأعمال. ويشير الى أن بقاء عون في قصر بعبدا بعد انتهاء ولايته الرئاسية في 31 تشرين أول، مخالف للدستور ويعمق الأزمة ويخلق أزمات جديدة بغنى عنها.
ويضيف متى أن رئيس “القوات” سمير جعجع هو مرشح طبيعي للرئاسة كونه يملك المواصفات المطلوبة وأكبر كتلة نيابية مسيحية. لكن في المبدا نحن مع أي رئيس لا يكمل ذات النهج والمشروع السياسي والاقتصادي الذي اتبع في الخمس سنوات الماضية، وإلا سنرى جيل الشباب اللبناني خارج البلاد.
في المقابل يشير الكاتب والباحث السياسي د. حسام مطر لـ”أحوال” الى أن لبنان لن يخرج من أزمته إلا من خلال نافذتين: اعادة توزيع السلطة واعادة توزيع الثروة. ويرى أن المشكلة في احتكار قوى سياسية لبنانية للسلطة وللثروة معاً، وتراهن هذه القوى على استدراج القوى الخارجية للتدخل لانتاج تسوية لتجنب الانهيار، لكن هذه المرة المجتمع الدولي يربط اي تسوية سياسية – اقتصادية بإصلاحات وقوانين تشريعية على المستوى الاقتصادي والنقدي والمالي.
ويرى مطر أن الأميركين يسيطرون على قرار الدولة اللبنانية الى حد كبير ويعرقلون الحلول السياسية ويغلقون أي باب للانفراج الاقتصادي، في اطار الضغط السياسي والخنق الاقتصادي للبنان لفرض الشروط السياسية في ملفات كبرى ومصيرية بالنسبة للبنان وللعدو الاسرائيلي كترسيم الحدود وسلاح المقاومة وأزمة النزوح والدمج والتوطين وموقع لبنان في المعادلة الاقليمية. ويعتبر مطر أن لبنان بين خيارين: الذهاب الى الفراغ الشامل وأخذ البلد الى الفوضى لفرض الشروط الدولية، أو تسوية جزئية سياسية – اقتصادية.
محمد حمية